ما هي القرارات التي اتخذتها في مرحلة مبكرة من حياتك -وأنت في عمر صغير -؟
كم أرجو ألا تكون إجابتى هذه مثيرة للحزن او الشفقة لأننى فخورة بحالى اليوم كثيرا .
عندما كنت صغيرة فى الثالثة عشر مثلا فى أول أيام شهر رمضان ، أوسع أبى إمى ضربا حتى أنه كسر ذراعها. لم تكن هذه أول مرة ، فى كل المرات السابقة كنت اغلق باب الحجرة على نفسى وأختبىء تحت الغطاء وأنا أضع كلتا اليدان على أذنى. كنت أعانى من شعور دائم بالخزي بلا سبب وطوال الوقت ، أفسره الأن بأننى شعرت بالعجز والأنانية معا. فبرغم ما تتعرض له أمى كنت فقط أرجوها ليلا ونهارا ألا تتركنى وترحل هربا من أبى .لم يكن سيدعنى أراها لبقية عمرى ولم إكن اعلم ماذا سأفعل بدونها. فى هذا اليوم بالذات عندما كسر ذراعها اختبئت أيضا ، إلا أننى ظللت مستيقظة حتى نام الجميع .أحضرت غطاء السرير ووضعت فيه كل ملابس أمى فى هدوء. وكسرت حصالتى وحصالة اخوتى ودسست المال فى الملابس ثم ربطت ذلك الغطاء بإحكام وقذفت به خارج النافذة إلى حديقة المنزل.ثم ايقظت امى وطلبت منها أن ترحل. لا أعلم إن كنت سأنسى وجه أمى فى تلك اللحظة يوما ما. انفجرت بالبكاء وهى تبتسم . اقنعتها ان تذهب وبأننى سأتدبر أمرى وأمر إخوتى وسنكون بخير. وأقسمت لها أننا سنجتمع يوما. هربت امى من بيت أبى ولم يجدها إلى الان .. لم يرها ولو لمرة واحدة. لم أرها بعدها لمدة خمس اعوام كاملة وكنت أتلقى أسوأ العقاب إذا حادثتها هاتفيا وعلم أبى بالأمر.
أنا الأن فى الثانية والثلاثين من عمرى اعمل كطبيبة وتزوجت وعندى ابنتان . تزوج جميع اخوتى وانجبو أيضا ،ونلتقى بأمى فى شقتها الخاصة كل اسبوع .
إنها لحظة واحدة من الشجاعة وترك الإختباء ،كانت كفيلة بإعطاء تلك المرأة ما يكفى من الوقت لالتئام ذراعها ومنحها الكرامة.
تعليقات
إرسال تعليق